إعلانات

صرخة مكلوم من مخيمات اللاجئين الازواديين ببوركينا فاسو

أربعاء, 27/05/2020 - 13:58

في مطلع العام 2012 فر مئات الآلاف من اللاجئين الأزواديين هائمين على وجوههم بعد انطلاق أول رصاصة من الثورة التي تلاها ماراثون من الأحداث السريعة المتلاحقة كظهور الرايات السود وسقوط حكومة مالي وإعلان استقلال أزواد والتدخل الفرنسي والاممي وهلم جر من محتويات صندوق باندورا الذي فتح في وجه أولئك الرعاة منذ أكثر من ستون عاماً ولم يغلق.

فر أولئك الرعاة وهم لايلوون على شيء، مستذكرين ماحدث في تينبكتو في التسعينات حيث جمع عشرات المدنيين ليذبحوا ثم تجر جثثهم في الشوارع و تدحرج رؤوسهم، مستذكرين أسبوعا كاملاً في ليرا حيث يتم اصطيادهم كل يوم واحداً بعد آخر وغاو حيث أحرقت اجسادهم وهم أحياء حتى تفحموا وفيفو حيث حوصر السوق لتتم ابادتهم عن بكرة ابيهم. وبالطبع لا أحد يستطيع نسيان مذبحة قرية وادي الشرف التي حوصرت وذبح فيها أكثر من سبعين شخصاً في يوم واحد ليعمل الجيش في البقية على مهل، وغير ذلك الكثير والكثير من جرائم الجيش المالي ضد المدنيين الطوارق والعرب. من الطبيعي أن يفر اللاجئون إلى أقرب دولة لهم من دول الجوار على حسب موقعهم، وكانت بوركينا فاسو من أفضل الخيارات ومن أقربها جهة الجنوب حيث عرف عن حكومتها السابقة ورئيسها المتنحي بليز كومباوري ودهم للازواديين على حساب سياسات وحسابات تاريخية ضد حكومة مالي، لكن الحزينة لم تجد للفرح مطرحا. فبعد أحداث دراماتيكية بدأت أساساً منذ عدة أعوام واختتمت باجبار الرئيس كومباوري على التنحي لتنقلب الأحوال على الأزواديين في بوركينا فاسو وتبدأ عمليات التضييق والتعدي ضدهم سواء كانوا لاجئين أو حتى مدنيين مارين مسافرين. فبدات عمليات اعتقال تعسفي هنا وهناك في المدن وحتى على الحدود والمطارات، بسبب ومن دون سبب صار الطوارق والعرب هدفا مشروعا للحكومة البركينابية.

أضف إلى ذلك إهمال ممنهج للاجئين ومعاملتهم ” لاحيوانيا ” باخلال الأمن في المخيمات لتنتشر الجريمة المنظمة وتروج المخدرات، وتتعرض النساء للاغتصاب والاموال للسرقة فضلاً عن تفشي الأمراض وسوء التغذية وشح المساعدات والإعلانات ما أجبر كثيراً من اللاجئين إلى التوجه إلى دول أخرى.

وفي هذه الأيام ودون سابق إنذار توجهت فرقة من الجيش إلى مخيم مانتاوا للاجئين فتقوم بتكسير الخيام والتعرض للاجئين بالضرب المبرح والاعتقالات الواسعة لكل من حاول مجرد الحديث معهم لفهم السبب حتى وصلت الحصيلة بحسب الناشطين في التواصل الاجتماعي إلى أكثر من مئة بين معتقل وجريح نقل للمستشفى في حالة حرجة. ومن بقي منهم هناك ترك لهم أمر واحد واضح وصريح مفاده ( أمامكم أربعة أيام للمغادرة، ومن نعود ونجده هنا فلا يلومن إلا نفسه. انتهى). الحدود مقفلة في كل الاتجاهات بداعي كورونا ، والموت يتربص بهم في كل حين ومن كل مكان وقد انقطعت بهم السبل ووجهوا آلاف النداءات إلى الحكومات والمنظمات و قادة الحركات. وحتى هذه اللحظة لم يستجب لهم أحد…

الاستاذ عبد الله الشريف / كاتب وباحث ازوادي