إعلانات

عفة اليد و نزاهة المسؤول .. قصة دالة و معبرة من أيام الزمن الجميل

سبت, 20/06/2020 - 17:35
الرئيس المؤسس / المختار ولد داداه ـ طيب الله ثراه ـ

في عام ١٩٧٣ زار الرئيس الزائيري أنذاك الجنرال موبوتو سي سي سيكو موريتانيا لمدة ثلاثة أيام والتي تتعبر من أفقر بلدان القارة الأفريقية واقتصادها يعتمد على صيد الأسماك و الزراعة و الرعي وأثناء المباحثات في الايام الثلاثة لاحظ الرئيس الزائيري أن مضيفه الرئيس الموريتاني زمنذآك المختار ولد داداه ( ١٩٦٠ - ١٩٧٨ ) واول رئيس لموريتانيا بعد استقلالها من الاحتلال الفرنسي يرتدي بدلة واحدة لم يغيرها طيلة الايام الثلاثة أدرك موبوتو أن مضيفه لا يملك المال الكافي لشراء البدلات الانيقة و الباهظة الثمن من دور الازياء الراقية في باريس وعند اختتام زيارته وفي صالة المغادرة في مطار نواكشوط سلم الرئيس الزائيري موبوتو شيك بمبلغ ٥ ملايين دولار لسكرتير الرئيس الموريتاني المختار ولد داداه لكي لا يحرج مضيفه و أعطى السكرتير عناوين أشهر مصممي الأزياء في العاصمة الفرنسية والتي يحيك موبوتو بدلاته عندهم لكي يحيك للرئيس الموريتاني المختار ولد داداه قمصان و اربطة عنق و بدلات رسمية من أرقى أنواع الاقمشة في تلك دور الازياء الراقية ... بعد توديع الرئيس الزائيري سلم السكرتير الرئيس الموريتاني شيك الخمسة ملايين دولار و قال للرئيس انها هدية من الرئيس موبوتو لك لكي تشتري بها بدلات و البسة من باريس استلم الرئيس ولد داداه الشيك و سلمه لوزير المالية الموريتاني لكي يضعه في حساب الدولة ... ولاحقآ و من مبلغ ٥ ملايين $ هدية الرئيس الزائيري تم بناء و تجهيز المدرسة العليا لإعداد الأساتذة و المعلمين في موريتانيا التي كانت تعاني من نقص في شديد في إعداد الأساتذة و المعلمين بسب الفقر و الجهل و التخلف ... بعد خمس سنوات أي في العام ١٩٧٨ توقف الرئيس الزائيري في المغرب قادمآ من زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية استمرت لاسبوع وما ان علم الرئيس الموريتاني المختار ولد داداه بتوقفه في الرباط إلا وان اتصل به ودعاه لزيارة موريتانيا اعتذر موبوتو ولكن بعد الحاح ولد داداه وافق على أن تكون زيارته قصيرة و في الطريق من المطار إلى القصر الرئاسي لاحظ موبوتو أن لافتات مكتوبة باللغة الفرنسية تزين الشوارع في الطريق مكتوب عليها شكرآ زائير شكرآ موبوتو شكرآ على الهدية ؟؟؟؟ وقبل أن يصل الموكب الرئاسي إلى القصر توقف في مدرسة إعداد الأساتذة و المعلمين و ما أن ترجل موبوتو من السيارة حتى استفسر و سأل بتعجب ولد داداه عن الهدية التي يشكرني عليها الشعب الموريتاني فإن قد وصلت قبل ساعة إلى نواكشوط وللأسف لا احمل هدايا معي ؟؟؟ عندئذ ابتسم الرئيس ولد داداه بابتسامة عريضة وقال هذه هي هديتك القيمة فبمبلغ ٥ ملايين دولار التي قدمتها لي قبل خمس سنوات بنينا مدرسة لإعداد الأساتذة و المعلمين والتي الشعب بامس الحاجة إليها لكي نحارب الامية و التخلف و الجهل و الفقر فعانقه موبوتو وقال له أن لو قدر أن يكون باقي الزعماء الافارقة مثلك لكانت قارتنا لا تعاني من الامية و الجهل و الفقر و التخلف ... و قال ولد داداه لضيفه انني استلم راتبآ شهريآ من خزانة الدولة و لا اعمل بلا أجر و هذه الهدية منك لشعب موريتانيا اما مظهري و هندامي لا يجوز أن يكون من أرقى المناشئ وبيوت الازياء العالمية و شعبي يعاني من الامية و الجهل و التخلف و الفقر ولأنه بالعلم يستطيع أن يقضي على تلك الافات و المعوقات التي تعرقل مسيرته ...

و قد عرف عن الرئيس الموريتاني المختار ولد داداه ( ١٩٢٤ - ٢٠٠٣ ) البساطة و الابتعاد عن المظاهر السلطوية و الترف و البذخ و كان يسكن في بيت متواضع و بسيط لا يوجد فيه سوى ثلاث غرف بعد انتهاء عمله اليومي في القصر الرئاسي ..